spot_img

    ذات صلة

    ‏هيئة السوق: الترخيص لشركة بدوة المالية في ممارسة نشاط الترتيب واستيفائها لمتطلبات بدء ممارسة العمل

    ​بناءً على نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 02/06/1424هـ ولوائحه التنفيذية، تعلن هيئة السوق المالية عن استيفاء شركة بدوة المالية متطلبات...

    ‏من النمو إلى الاستثمار: فهم ديناميكية أثر المسرّع في الأسواق

    – في عالم الاقتصاد، تتجلى العلاقة الديناميكية بين حجم الاستثمار ومعدل النمو الاقتصادي بوصفها أحد أبرز القوى المحركة التي تشكّل مسار دورات الأعمال.

    – وفي هذا السياق، يبرز مفهوم “أثر المسرّع” ليلقي الضوء على هذه العلاقة الجدلية؛ حيث يُفسر الارتباط الوثيق بين حجم الاستثمار ومعدل تغير الناتج المحلي الإجمالي للدولة؛ فكلما تسارع معدل النمو الاقتصادي، شهد مستوى الاستثمار قفزة نوعية أكبر وأسرع، أشبه ما تكون بالاستجابة المتسارعة.

    – وعلى النقيض تماماً، إذا ما تباطأ معدل النمو الاقتصادي أو انخفض، كان الانكماش في مستوى الاستثمار أشد وطأة وأعمق أثراً.

    الآلية وراء أثر المُسرّع

    – عندما يرتفع دخل الأفراد ويزداد استهلاكهم للسلع والخدمات، تحتاج الشركات إلى إنتاج المزيد لتلبية الطلب المتزايد.

    للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

    – إذا كانت الطاقة الإنتاجية الحالية مستغلة بالكامل، ستلجأ الشركات إلى توسيع طاقتها عبر استثمارات جديدة في رأس المال، مثل شراء آلات إضافية أو بناء مصانع جديدة.

    – يُعرف هذا النوع من الاستثمار بالاستثمار المُستحث، أي الاستثمار الذي تحفزه التغيرات في الدخل أو الاستهلاك، بهدف تلبية الطلب المتنامي.

    – ومن نافلة القول إن الشركات في معظم الأحيان تميل إلى اتخاذ قرارات استثمارية كبرى وجوهرية بدلاً من الاكتفاء بتعديلات هامشية.

    – لذلك، فإن الإقدام على مثل هذه الاستثمارات الضخمة يظل رهناً بتوافر درجة عالية من الثقة في أن الظروف الاقتصادية المواتية ليست سحابة صيف عابرة، بل اتجاه راسخ قابل للاستدامة.

    – يضاف إلى ذلك أن المشاريع الاستثمارية العملاقة، لا سيما تلك التي تتعلق بالبنية التحتية الرأسمالية، تستغرق فترات زمنية طويلة نسبيًا لإتمامها، الأمر الذي ينشئ فجوة زمنية واضحة بين وقت تزايد الطلب وبداية ظهور الاستجابة الاستثمارية على أرض الواقع.

    علاقة الاستثمار بالدخل القومي

    إذا انتعش الدخل القومي، ارتفع معه الاستثمار.

    وعلى نفس المنوال؛ إذا تراجع الدخل القومي، تبعه انخفاض في الاستثمار.

    – يقوم أثر المُسرّع، في جوهره، على افتراض أن الشركات تسعى جاهدة للحفاظ على نسبة ثابتة ومستقرة بين حجم رأس المال الذي تستخدمه ومستوى الإنتاج الذي تحققه.

    – فإذا افترضنا مثلاً أن مصنعاً يحتاج إلى آلة واحدة لإنتاج 1000 وحدة من منتج معين، فإن زيادة الطلب بمقدار 3000 وحدة ستعني ضرورة اقتناء 3 آلات إضافية لسد هذه الفجوة الإنتاجية.

    مثال عملي على أثر المُسرّع

    – شهد عام 2021 مثالاً حياً وقاسياً على أثر المُسرّع، تجلى في النقص الحاد الذي عاناه العالم في رقائق الحاسوب، كنتيجة مباشرة لتداعيات جائحة كوفيد-19.

    – في بداية الأزمة، توقعت شركات السيارات تراجعاً في الطلب، مما دفعها إلى إلغاء جزء من طلباتها من أشباه الموصلات.

    – بيد أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فقد ارتفع الطلب بشدة وبشكل غير متوقع، الأمر الذي استدعى تحركاً عاجلاً من الشركات والحكومات -لا سيما في الولايات المتحدة- لزيادة الاستثمارات بشكل هائل في هذا القطاع الحيوي.

    – وتجسد هذا التوجه بإقرار مجلس الشيوخ الأمريكي قانون “CHIPS for America Act” الذي خصص حوافز مالية ضخمة لتعزيز وتقوية صناعة أشباه الموصلات محليًا.

    العوامل التي تخفف من أثر المُسرّع

    – رغم وضوح العلاقة بين النمو الاقتصادي والاستثمار وفقًا لأثر المُسرّع، فإن هناك عدة عوامل قد تخفف من حدة هذا التأثير، أبرزها:

    1-المخزون المتاح: يمكن للشركات أن تلجأ إلى المخزونات المتوفرة لديها؛ كحل مؤقت لتلبية الزيادة المفاجئة في الطلب، دون الحاجة الفورية لاستثمارات رأسمالية جديدة.

    2-الطاقة الإنتاجية غير المستغلة: إذا كانت الآلات والمعدات لا تعمل بكامل طاقتها القصوى، يمكن للشركات زيادة ساعات العمل أو عدد الورديات، كبديل عملي عن شراء معدات إضافية مكلفة.

    3-مدى ثقة قطاع الأعمال: تظل القرارات الاستثمارية مرهونة بمدى يقين الشركات بأن الزيادة الحالية في الطلب ليست مجرد موجة عابرة أو طفرة، بل اتجاه مستدام يشي باستمرارية النمو.

    4-ارتفاع تكلفة المعدات الرأسمالية: مع تزايد الطلب على الآلات والمعدات، قد تشهد أسعارها ارتفاعاً ملحوظاً، مما قد يشكل عقبة تثني بعض الشركات عن المضي قدماً في خططها التوسعية والاستثمارية.

    5-القيود المفروضة على عوامل الإنتاج الأخرى: حتى في حال توفر الآلات، قد تواجه الشركات ندرة في الأيدي العاملة الماهرة، أو شحاً في المواد الخام الأساسية اللازمة لزيادة مستويات الإنتاج، مما يحدّ من القدرة على الاستجابة الكاملة.

    6-العمر الافتراضي للمعدات: إذا كانت الآلات الحالية لا تزال في حالة تشغيلية جيدة وتتمتع بعمر افتراضي مجدٍ، فقد تفضل الشركات إرجاء قرار استبدالها أو زيادة عددها، مكتفية باستغلال المتاح.

    7-الإسناد إلى الغير (التعاقد الخارجي): قد تجد بعض الشركات في التعاقد مع جهات خارجية لتنفيذ عملية الإنتاج -أو جزء منها- خياراً أكثر مرونة من التوسع الداخلي المباشر.

    تداعيات أثر المُسرّع

    يترتب على هذه الظاهرة نتائج اقتصادية مهمة:

    تفاقم التقلبات الاقتصادية: يتسم الاستثمار بطبيعة أكثر تقلباً من الناتج المحلي الإجمالي؛ فحتى لو بقيت معدلات النمو مستقرة نسبيًا، فإن مستويات الاستثمار قد تشهد استقراراً أو تغيرات حادة مبالغ فيها صعوداً وهبوطاً.

    تأثير مباشر وعميق على الناتج المحلي الإجمالي: قد يفضي أي تباطؤ في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى تراجع كبير في مستويات الاستثمار، مما يعمق بدوره من حدة التباطؤ الاقتصادي في فترات لاحقة، ليصبح الأثر مضاعفاً وسلبياً.

    في الختام، يمثل أثر المسرّع إطاراً تحليلياً جوهرياً لفهم الكيفية التي يتفاعل بها قطاع الاستثمار مع المد والجزر الاقتصادي.

    – غير أن المشهد الاقتصادي الواقعي غالبًا ما يحفل بمتغيرات إضافية قد تحد من قوة هذا الأثر النظري أو تغير من توقيت استجابته.

    – الأمر الذي يحتم على صنّاع القرار ورجال الاقتصاد توخي الحذر الشديد عند الاعتماد على هذا المفهوم كأداة وحيدة للتنبؤات الاقتصادية ورسم الاستراتيجيات المستقبلية.

    المصدر: إنتليجنت إيكونيميست

    spot_img