تعد النسبة بين أسعار الذهب والنفط الخام أحد المؤشرات القيمة على صحة الاقتصاد العالمي، وتعبر عن مدى إقبال المستثمرين على التحوط مقارنة بحالة الطلب الكلي ونشاط الأسواق.
إذ يتم قياس النسبة بقسمة سعر أوقية الذهب على سعر برميل نفط خام غرب تكساس أو “نايمكس” الأمريكي، ومن ثم فهي تقيس عدد براميل النفط التي يمكن شراؤها مقابل أوقيةمن الذهب.
وفي مثال على قياس النسبة، بلغ سعر التسليم الفوري للذهب 2665.93 دولار للأوقية عند تسوية جلسة الثامن والعشرين من نوفمبر، وسجل سعر خام نايمكس تسليم يناير 68.72 دولار للبرميل، وبقسمة الرقمين، تصبح النسبة 38.8 برميل لكل أوقية من الذهب، أي أن أوقية الذهب تعادل قرابة 39 برميل نفط.
وحافظت النسبة على اتجاه تصاعدي مطرد منذ مايو عام 2022 حين كانت16.11برميل للأوقية فقط، ويعني ذلك أمراً من اثنين، إما أن قيمة النفط أخذت تنخفض مقارنة بالذهب، أو أن قيمة الذهب كانت ترتفع مقارنة بالنفط.
يتماشى هذا مع واقع الاقتصاد العالمي في حقبة ما بعد الوباء، إذ سجلت النسبة أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 91.12 برميل للأوقية في أبريل 2020 أثناء ذروة الأزمة التي شهدت طلباً قياسياً على أصول الملاذ الآمن في ظل حالة شديدة من انعدام اليقين.
وفي المقابل، فرضت الدول قواعد أدت إلى توقف كافة الأنشطة الاقتصادية والتجارية تقريباً، ما تسبب بالطبع في هبوط الطلب العالمي على النفط.
وبعد مرور ذروة الأزمة، أخذت الاقتصادات تستعيد نشاطها تدريجياً، وبات المستثمرون أكثر تعطشاً لعقد الصفقات ودوران عجلة الإنتاج، ما أدى إلى انخفاض نسبة الذهب إلى النفط نتيجة انتفاء الحاجة للتحوط، وزيادة الطلب على الطاقة.
لكن موجة من التضخم الجامح اجتاحت الاقتصاد العالمي نتيجة الإنفاق الكثيف للحكومات أثناء أزمة الوباء، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب مجدداً باعتباره الملاذ الآمن الأول في مواجهة تآكل القوة الشرائية للنقود.
تزامن ذلك مع تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط بسبب عوامل مثل الرياح المعاكسة التي واجهت اقتصادات رئيسية عدة في فترة ما بعد الوباء وعلى رأسها الصين، وزيادة إمدادات النفط العالمية.
ورغم تلقي أسعار النفط بعض الدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية مطلع عام 2022، لكن هذه المخاطر زادت إقبال المستثمرين على الذهب أيضاً.
وعند مقارنة فترات تاريخية أخرى، كانت نسبة الذهب إلى النفط 9.7 برميل للأوقية في يناير من عام 2008 الذي شهد الأزمة المالية العالمية، وبحلول يونيو من نفس السنة، انخفضت النسبة إلى 6.65 برميل للأوقية قبل أن تصعد إلى قرابة مستوى 22 في يناير 2009.
تطور نسبة سعر الذهب إلى النفط منذ عام 1946
التاريخ
نسبة سعر الذهب للنفط (برميل للأوقية)
يناير 1946
29.9
يناير 1950
13.62
يناير 1960
11.9
يناير 1970
10.9
يناير 1980
20.9
يناير 1990
18.1
يناير 2000
10.3
يناير 2010
14.8
يناير 2020
30.66
يناير 2024
26.88
28 نوفمبر 2024
38.8
وفي يوليو من عام 1973 كانت النسبة 33.76 برميل للأوقية مقارنة بـ 10.3 برميل للأوقية في ديسمبر 1970، ونتيجة لتبعات أزمة حظر تصدير البترول هبطت النسبة إلى 12.8 برميل للأوقية بحلول يناير 1974، ثم واصلت الهبوط بعد ذلك لتصل إلى 8.36 في أكتوبر 1976، ما يدل على ارتفاع قيمة النفط مقابل الذهب.
وفي المجمل، يشير ارتفاع النسبة إلى زيادة قيمة الذهب، ويدل ذلك على سيادة ظروف سلبية في السوق إما بسبب عوامل سياسية، أو أزمات اقتصادية سواء راهنة أو متوقعة.
في حين يشير انخفاضها إما إلى شُح المعروض من النفط، أو انتعاش الطلب على الطاقة نتيجة رواج النشاط الاقتصادي، وزيادة درجة تقبل المستثمرين للمخاطر، وقوة الطلب الكلي العالمي.
المصادر: فيجوال كابيتاليست – ماكروتريندس.