تعتبر التوترات بين الولايات المتحدة والصين نتيجة حتمية للخلافات الصارخة بين البلدين، وعلى الرغم من أن الأولى تظل الدولة الأقوى في العالم، إلا أن قوة الصين الاقتصادية والجيوسياسية المتنامية تهدد الهيمنة الأمريكية.
ووصف “أنتوني بلينكن” وزير خارجية الرئيس الأمريكي “جو بايدن” الصين في عام 2022 بأنها أخطر تحد طويل الأمد للنظام الدولي.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي قد تنحسر بين الرئيس الحالي “جو بايدن” والسابق “دونالد ترامب” فإن الصين تراقب الأمر بحذر وقلق.
ويرجع ذلك لوجود مخاوف بشأن الحملة الانتخابية نفسها لأنه من المحتمل أن يتحدث المرشحون بلهجة صارمة عن بكين وهو ما يهدد التحسن الهش الأخير في العلاقات بين البلدين، إلى جانب المخاوف من نتيجة الانتخابات التي ستعلن في نوفمبر سواء بفوز “بايدن” أو “ترامب”.
ويرى “تشاو مينغهاو” أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “فودان” في شنغهاي أن بالنسبة للصين، لا يهم من سيفوز بالانتخابات الأمريكية لأنهما سيكونان بمثابة “وعاءين من السم”.
وربما تدرك الصين أنه لا يوجد أمل في تحسين علاقاتها مع واشنطن سواء في عهد “ترامب” أو “بايدن” أو أي رئيس آخر، ومن “بيل كلينتون” إلى “ترامب” يشير التاريخ إلى أن عام الانتخابات الأمريكية يحمل في طياته مشكلات قادمة.
مخاوف بشأن ترامب
على الرغم من أن “ترامب” ربما يكون أكثر ترددًا في الدفاع عن تايوان بسبب نهجه الانعزالي في التعامل مع السياسة الخارجية، إلا أنه لا يمكن استبعاد أي شىء، وخاصة بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصريحاته.
كما أنه ينظر لاتهام “ترامب” لتايوان بالسيطرة على صناعة الرقائق من الولايات المتحدة باعتباره إشارة إلى أنه ليس على استعداد للدفاع عن الجزيرة المتعمة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين أرضًا صينية.
وتعارض الصين إجراء أي اتصال رسمي بين تايوان والحكومات الأجنبية، ولكن تلقى “ترامب” مكالمة تهنئة بفوزه في انتخابات عام 2016 من رئيس تايوان، وهو ما أثار غضب الحكومة الصينية، ولكن ربما عادت العلاقات إلى مسارها في 2017 عندما زار الرئيس الصيني “شي جين بينغ” نظيره الأمريكي في فلوريدا في أبريل.
وربما يعزز فوز “ترامب” حدة الحرب التجارية بين البلدين، إذ أشار في تصريحات مؤخرًا إلى أنه قد يفرض رسوما جمركية على السلع الصينية بأكثر من 60% في حال فوزه بفترة ولاية ثانية.
وذلك بعدما بدأت إدارته في أوائل عام 2018 في فرض رسوم جمركية بهدف الحد من واردات البضائع الصينية، وردت بكين بفرض تعريفات جمركية على البضائع الأمريكية.
نقطة أخرى، هي أن “ترامب” يُحمل الصين المسؤولية عن انتشار “كوفيد-19″، وهو ما أثار انتقادات شديدة من بكين.
ورغم ذلك إلا أن عودة “ترامب” للبيت الأبيض قد تكون في صالح الصين على الأقل من الناحية الاقتصادية لعدة أسباب منها أنه قد يزيد الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا لأنه قد يكون غير قادر على مقاومة الرغبة في استئناف الحروب التجارية مع أوروبا، إلى جانب إمكانية تراجعه عن العقوبات المفروضة على روسيا.
هل “بايدن” أفضل؟
قد تجد الصين أن “بايدن” أهون الشرين بسبب استقرار نهجه مقارنة مع “ترامب” وعدم القدرة على التنبؤ بتحركاته.
واحتفظ “بايدن” بسياسة سلفه تجاه الصين بمجرد انتخابه، بما في ذلك الرسوم الجمركية، كما حد من وصول الشركات الصينية إلى التقنيات المتقدمة، وفرض عقوبات على المسؤولين الصينيين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي كان يبحث عن مجالات للتعاون مع الصين، إلا أن بكين تشعر بالقلق بسبب رؤيته بشأن تايوان، إذ أعلن مرارًا وتكرارًا أنه سيطلب من القوات الأمريكية الدفاع عنها في صراع مع بكين.
كما تشعر الصين بالقلق نحو جهود “بايدن” لتوحيد الحلفاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في تحالف ضد بكين.
تحليلات وآراء
ذكر “سون تشنغهاو” زميل مركز الأمن والاستراتيجية الدولية بجامعة “تسينغهوا”: بغض النظر عمن سيتولى الرئاسة، فإن ذلك لن يغير الاتجاه العام للمنافسة الاستراتيجية الأمريكية مع الصين، موضحًا أن الصين ليس لديها أي تفضيل لمن سيفوز بالانتخابات الرئاسية لأن لديها خبرة في التعامل مع أي منهما.
ويرى “شي ينهونغ” أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “رنمين” الصينية أن “ترامب” بطبيعته متقلب وقاس ومن الصعب التآلف معه، وأنه بينما يمكن لبكين أن تتوقع استمرار علاقته مع واشنطن على نفس النحو إذا أعيد انتخاب “بايدن”، فإنها قد لا ترغب في التعامل مع هيستريا “ترامب” تجاه الصين، وربما إجراء تغييرات جذرية حال عودته إلى البيت الأبيض.
وذكر مسؤولون في بكين أنه ليس لديهم تفضيل واضح بشأن من سيتولى السلطة، وقال “سانغ بايتشوان” الأستاذ بجامعة الأعمال الدولية والاقتصاد في بكين ومستشار وزارة التجارة الصينية: إنهما يشكلان تهديدًا كبيرًا.
المصادر: أسوشيتيد برس – بلومبرج – فورين بوليسي